رواية لعنة الفراعنة الجزء الثالث للكاتبة رحمة نبيل الفصل السابع

رواية لعنة الفراعنة الجزء الثالث للكاتبة رحمة نبيل الفصل السابع

رواية لعنة الفراعنة الجزء الثالث للكاتبة رحمة نبيل الفصل السابع

كان صوت النحيب وأصوات الصرخات هي ما يمكن سماعه في المكان، أصوات هنا وهناك لا تستطيع التمييز بينها لكن صوت واحد فقط كان واضحا وبشدة...
انطلق مراد ليمسك صلاح الذي يبدو وكأنه دخل في حالة هيسيترية حيث كان يصرخ بعنف فطغى صوت صراخة على جميع الأصوات المحيطة بهم
حاول جاسر أن يبعد سامر عن كريمة لكنه أبى ذلك حيث كان يتمسك بها كطفل صغير في وداع والدته:
لا لا يا عمي، سبني لااااا يا كريمة اصحي يا كريمة.

جذبه أحمد بعنف بعيدا عن كريمة والتي كان اقرب الأطفال لها في صغره وحتى في شبابه كانت له أم ثانية...

سقطت طمطم أرضا ولم تتحمل ما يحدث امامها بينما نسرين كانت تبكي بانهيار وابريس ينظر حوله لكل ما يحدث لا يعلم ماذا يفعل...
صرخ ابريس في محمد الذي يبكي جانبا بخوف:
شيل والدتك يا محمد انقلها على المستشفى اخلص.

انتبه محمد لحديث ابريس لتساعده مروة في نقل طمطم للسيارة، بينما جاسر يقف بعيدا يرمق الجميع وكأنه بعالم اخر، يود ان يتماسك لاجلهم لكن يشعر انه على وشك الانهيار اخذ يتنفس بعنف ليتماسك ثم تحرك سريعا آمرا أحمد بحمل كريمة فيبدو أن صلاح لن يقدم على فعل شئ بحالته تلك.

حمل أحمد كريمة ليركض بها إلى سيارة والده فيجذب مراد صلاح نحو سيارته يتبعهم
ركض عدى سريعا ليحضر سيارة والده حتى يقل الجميع صارخا بمصعب الذي لم يتحرك او يبدي اى ردة فعل منذ ما حدث:
مصعب خد العيال روحهم البيت وخد معاك سماريا
لم يبدو على مصعب أنه انتبه لحديث عدى بل كان نظره مثبت فقط على مالمكان الذي كان يستقر به جسد كريمة...

اتجهت نازيا صوب مصعب لتهزه بعنف صارخة: مصعب بالله عليك تحرك يارجل ما بك
وايضا لا ردة فعل فقط نظره مثبت على نفس البقعة، هبطت دموع نازيا تضرب مصعب على صدره تصيح بوجع:
مصعب ارجوك اتحرك العيال بتعيط وخايفة ارجوك
انتبه مصعب لها اخيرا ليوجه نظره جهة سماريا التي تجمع الأطفال حولها تحاول أن تطمئنهم بينما هي تبكي...

مسح مصعب دمعة فرت من عيونه متجها للأطفال ليجذبهم لاحضانه قائلا بحنان: يلا هنروح وهنام ونصحى بكرة نلاقي كريمة نطت فوق دماغنا كما العادة.

أنهى حديثه لينظر لعمه ومن معه قائلا: هيا يا عمي سنعود لمنزلنا لتستريحوا قليلا.

هز ست رأسه رافضا: سوف نذهب للمشفى يا مصعب لا يمكننا البقاء في المنزل بينما الجميع في المشفى هكذا.

هز مصعب رأسه موافقا: حسنا على الأقل نعود لتبدلوا ثيابكم ثم نذهب للمشفى.

وافقه الجميع على حديثهم ليذهبوا معه سيرا للمنزل ومعهم الأطفال الذين كانوا يبكون بعنف هم وسماريا
ضم احمس سماريا يقبل رأسها بحنان: ستكون بخير يا صغيرتي فقط صلي لأجلها.

ازداد نحيب سماريا اكثر: كريمة هي قلب العائلة يا أبي إن حدث لها شئ سوف نتدمر جميعنا، اقسم سوف تتدمر تلك العائلة بلا كريمة، لقد كانت لي أم في غياب امي.

ضمها احمس أكثر يشعر بالوجع على تلك السيدة التي ورغم كل شئ كانت تعتني بالجميع...
في المنزل انتهى باسل من إعداد كل شئ يتوقع عودة الجميع في اى لحظة، هبط تاج من الغرفة متجها للمطبخ لإحضار بعض المياة فوجد باسل قد رصّ العديد من اطباق المارشيمللو على الطاولة ويبدو كما لو أنه يتاجر بهم.

رفع تاج حاجبه متجها صوب الأطباق ليجد باسل يتوقف في طريقه صائحا باعتراض: لا المرة دي مش هخليك تاكل الميللو.

ابتسم تاج بسخرية يمد يده من خلف باسل آخذا بعض الميللو يأكلهم ببسمة باردة: لو عايز اخدهم كلهم مين هيمنعني يا باسل.

صمت باسل يفكر في رد هو لن يستطيع منعه فجأة شعر بتاج يمد يده ليأخذ اكثر فصرخ به مهتاجا ليضحك تاج بعنف: يابني انت هتتاجر فيهم، ايه كل ده!؟

نظر باسل خلفه للكمية الكبيرة من الميللو: عشان البنات تاكل براحتها
ابتسم تاج ساخرا وهو يأكل المزيد:
لا حنين آوي يا خويا.

في نفس الوقت سمع الاثنان صوت فتح الباب يصحبه أصوات شهقات وبكاء ليكرمش تاج حاجبيه بتعجب متجها صوب الباب بفزع، ليتفاجئ بساندي تركض له وهي منهارة في البكاء وتتحدث من بين شهقاتها بكلمات غير مفهومة لم يفهم منها سوى كلمة كريمة.

رفع تاج رأسه لمصعب والذي يبدو على وجهه ملامح غير مبشرة
تحدث مصعب لست ومن معه:
الحقوا بي عمي سوف اعطيكم بعض ملابس ابي ونانيس اعتقد أن ملابس ميسرة ستناسبها.

تحرك الجميع للأعلى يتبعون مصعب، نظر تاج لنازيا وسماريا التي انهارت أرضا تبكي في نفس وقت نزول نونيا التي قالت متعجبة مظاهر الجميع:
ماذا حدث؟ لما البكاء سماريا.

دفنت سماريا وجهها في قدمها لتنهار في البكاء اكثر بينما ازداد بكاء هنا ليحملها مروان بجمود غريب يتجه لغرفته في الأعلى وهو يحاول اسكاتها.

هبط مروان مجددا ليأخذ جميع الأطفال للأعلى ثم حدث باسل بجمود:
باسل اطلع معاهم فوق.

لم يفهم باسل شئ مما يحدث لينظر حوله محاولا معرفة ما يحدث لكن لا شئ...

اتجه مروان صوب ساندي ليحدثها بحنان شديد يحاول نزعها من أحضان تاج:
ساندي تعالي نطلع فوق.

رفضت ساندي ترك تاج ليزفر مروان بضيق فيخبره تاج بتركها ليمتثل مروان لحديث عمه ويأخذ باسل للأعلى...
أعاد تاج سؤاله للمرة التي لا يعرف عددها:
حد يفهمنا حصل ايه؟

تحدثت نازيا تحاول التماسك:
كريمة عملت حادثة واخدوها على المستشفى.

للحظة لم يبدو على تاج الاستيعاب حتى ابتسم بعدم تصديق: ايه احمس قتلها.

نظرت نازيا له بشفقة تهز رأسها بنفى بينما دموعها تتساقط:
عربية خبطتها و نزفت كتير اوي
انهت كلماتها تزامنا من انطلاق شهقة فزعة من نونيا بينما ارتخت يد تاج حول ابنته لينظر للجميع يود لو يكذب أحد الخبر لكن جميع الوجوه تأكد له ما حدث.

وجد مصعب يهبط مع ست والجميع بعد أن بدلوا ثيابهم لثياب عصرية. ترك تاج ابنته ليتجه خلف الجميع غير سامحا لنفسه بالانهيار الان فعليه ان يتماسك لأجل الجميع:
استنى يا مصعب هاجي معاك.

أنهى حديثه يركض خلفهم ليشعر بساندي تمسك قدمه
انحنى يمسح دموعها ثم رفع نظره لنونيا قائلا بحنان:
نونيا ارجوكِ امسكي ساندي ولا تدعيها تتبعني...

نظر للجميع بصراحة قائلا:
لا أحد يتحرك منكم حتى اقول العكس، اهتموا بالأطفال.

أنهى حديث راكضا للخارج خلف أخيه والجميع...

كان سيف مايزال يضم تيتي بحنان يتسطحون أعلى التلة في جو يعمه الهدوء والحب، فجأة انتفض الاثنان على صوت رنين هاتف سيف ليبعد سيف تيتي عنه بخفة، مخرجا هاتفه من جيب بنطاله يجيب:
ايوة، تمام تمام، ثواني واكون موجود.

نهض سيف سريعا لتتساءل تيتي عما حدث ليخبرها سريعا أثناء ترتيبه لثيابه:
كلموني من المستشفى وبلغوني إن فيه حادثة حصلت والحالة خطيرة ولازم اكون موجود.

امسك يدها ليساعدها في الهبوط:
هنروح للمستشفى اشوف الحالة ولو لقيت فعلا الحالة خطيرة وهتأخر، هكلم حد يجي ياخدك.

هزت تيتي رأسها بايجاب موافقة حديثه:
تمام مفيش مشكلة.

أعطاها سيف الخوذة الخاصة بها ليصعد وهي خلفه:
معلش يا تيتي لو كنت بوظت يومنا بس ده خارج عن ايدي.

مدت تيتي يدها تتشبث في خصره قائلة بحنان:
ولا يهمك ياباشا، بعدين محنا كده كده كنا شوية وهنمشي، المهم الحالة اللي في المستشفى دي ربنا يسترها ويقومها بخير.

انطلق سيف بالدراجة النارية بأسرع ما لديه ليصل خلال دقائق إلى سيارته صاعدا إليها مع زوجته لينطلق بها إلى المشفى سريعا...

مرت عشر دقائق تقريبا ليصف سيف سيارته امام المشفى ويهبط منها سريعا وخلفه تيتي تتبعه...

دخل سيف المشفى يركض في الاروقة والتي قابل بها إحدى الممرضات التي ركضت له وبدأت تشرح له الحالة:
حادثة عنيفة ادت لارتطام الراس بالأرض وكمان حدث سقوط عنيف على الضهر وشاكين يكون أثر على العمود الفقري، غير أن احتمالية النزيف الداخلي كبيرة آوي.

هز سيف راسه بايجاب ليدخل سريعا لغرفة التعقيم قليلا بعملية بحتة:
جهزوا العمليات ونادوا على الدكتور معروف...

أنهى حديثه تزامنا مع انتهاءه من تجهيز نفسه ليبدأ في التعقيم مردفا:
دكتور التخدير وصل.؟

أجابت الممرضة بالايجاب: ايوة يا دكتور هو متواجد حاليا في غرفة العمليات.

أنهى سيف تجهيز نفسه لإجراء العملية ليخرج من الغرفة ويجد تيتي تقف فيشير لمكتبه قائلا:
استنيني في المكتب يا تيتي لغاية ما اخلص.

هزت تيتي رأسها بايجاب لتتحرك صوب مكتبه بينما اتجه سيف لغرف العمليات حتى يرى تلك الحالة دخل الممر الذي به غرفة العمليات ليستمع بصوت مألوف بالنسبة له، رفع عينه متعجبا ليرى جميع عائلته تجتمع أمام غرفة العمليات في حالة انهيار تام، سقط قلبه رعبا من هذا المشهد الذي رآه كثيرا لكن هذه المرة تختلف فيبدو أن المريض هذه المرة ليس سوى أحد أفراد عائلته...

نظرت نيرة لساعة الحائط التي تقبع أعلى التلفاز زافرة بضيق، ثم استدارت لحسام الذي ما يزال يعمل، أمسكت الوسادة بجوارها لتلقيها عليه:
يعني هو هنا وفي الشركة شغل، ارحم نفسك وارحمني معاك.

امسك حسام الوسادة ضاحكا:
بقى كده ده انا حتى بحاول اخلص عشان اعرف اخد يوم اجازة واخدك نصيف زي ما وعدتك.

لوت نيرة فمها بتهكم:
ايوة زي كل مرة كده، مش كفاية مصايف ولا إيه يا حسام كده هنبوش من الماية يا جدع.

علم حسام انها تسخر منه لكنه قال:
لا صدقيني المرة دي وعدتك وأكيد هوفي.

ضحكت نيرة ساخرة:
ماشي يا باشا وانا مستنية.

هبطت بدور من الأعلى تزفر بضيق:
نيرة ما تكلمي سامر تشوفيه اتأخر ليه كده؟

نظرت نيرة لهاتفها مشيرة إليه:
طب هاتي التليفون من عندك.

أعطت بدور الهاتف لنيرة التي اتصلت بسامر تنتظر الرد لكن لم يصل لها شئ بل كل ما سمعته هو رساله مسجلة أن الهاتف المطلوب مغلق، كرمشت ملامحها بدهشة
لينتبه لها حسام:
ايه مردش؟

هزت نيرة رأسها بنفى ليخرج حسام هاتفه:
طب استني هكلم جاسر هو لسه هناك تقريبا...

أجرى حسام اتصالا بجاسر ينتظر الرد لكن لم يجب جاسر ليقول:
مش بيرد.

بدأ القلق يتسلل لقلب نيرة:
طب حاول تآني يا حسام او كلم مراد طيب.

هز حسام رأسه ليهاتف مراد ثواني مرت عصيبة حتى سمع حسام صوت مراد ليهتف سريعا:
الو يا مراد فيه إيه يابني برن على جاسر مش بيرد هو عندك، بتقول ايه؟ امتى حصل ده؟

انتفضت نيرة مفزوعة لتصرخ:
فيه إيه يا حسام؟

نظر الجميع لبعضه بتعجب فبادر ازى بالسؤال الذي يدور في رأس الجميع:
و ما هي شجرة العصور تلك؟

ابتسمت شافا بسمة غير مطمئنة:
هي شجرة تعتبر بوابة بين العصور توجد في أحد الكهوف النائية، يمكنك من خلالها الانتقال لأي عصر تريده او إحضار اى شخص من اى عصر كل ما عليك فعله هو وضع شئ يخص الشخص الذي تريد احضاره لعصرك بها وعندها تجده أمامك.

رفع حوني حاجبيه لا يرتاح لما يحدث:
حقا؟ ولما اذا تكبد احمس عناء صنع قلادة لعمي ابريس اذا كان أمر التنقل بهذه السهولة؟

هزت شافا كتفيها تدعي عدم المعرفة:
انا لا اعلم حقيقة، أنا أخبرك فقط ما عثرت عليه.

صمتت قليلا تدعي التفكير ثم قالت فجأة:
آه صحيح...
انتبه لها الجميع لتكمل ببسمة مخيفة:
أظن أن الحكيم لم ي تي على ذكر تلك الشجرة سابقا لما تسببه في المسافر عبرها.

تحفز الجميع لما تقول فبادرت ميرانا (زوجة حوني) بالسؤال:
وما الذي تسببه هذه الشجرة؟

تحركت شافا لأحد المقاعد بكل برود:
لست متأكدة بعد لكن ذُكر في أحد الكتب أن البعض ممن استخدم تلك الشجرة للتنقل تسببت في مسح ذاكرته كليا لينتهي بهم الأمر للجنون...

شهق الجميع فزعا من هذا الاحتمال لتكمل شافا تحاول اقناعهم:
فقط البعض تعرض لهذا والبعض الاخر مرت الأمور عليهم بسلام وعادت لهم ذاكرتهم سريعا مع الوقت.

كانت تكذب بالطبع فلم تعد ذاكرة اى أحد بعد خروجه من الشجرة، لكن هي فقط تحاول اقناعهم وعندما يعود احمس ستحرص على الاختفاء به بعيدا عن الجميع.

نظر حوني للجميع لا يعلم ماذا يفعل يشعر بالعجز، يريد عودة عائلته، ولا يريد المخاطرة في أمر كهذا
ماذا سيحدث إن تحقق ما قالته تلك الفتاة هو لا يثق بها ولا يطمئن لحديثها لكن وماذا يملك غير هذا الحل.

تحدثت اسينات بخوف:
هذا يعني أن بيك ربما لا يتذكرني.

ابتسم لها ازى يربت على شعرها بحنان:
وهل تظنين أن بيك قد ينسى اسينات يوما يا أمي.

هزت اسينات ر سها بخوف بينما تحدثت لورا:
لنجرب الأمر لن نخسر شئ حتى وإن فقدوا ذاكرتهم فبالنهاية هم معنا وسوف ندفعهم للتذكر.

وافقها الجميع لتنظر شافا لحوني تنتظر اجابته ليتنهد هو بتعب:
واين نجد تلك الشجرة يا ترى؟

ابتسمت شافا لتحقيقها هدفها الذي لطالما سعت له:
انا اعلم أين هي...

تقدم سيف بأقدام ترتعش خوفا من هذا المنظر الذي علم كم هو مؤلم فلطالما شاهده لكن لأول مره يشعر بوجعه، ابتلع ريقه يقترب منهم وهو يفحص بعيونه الجميع يحاول معرفة من بالداخل ضربات قلبه تتسارع، كاد يتساءل عن هوية الذي تعرض لحادث في نفس الوقت التفت له ابريس الذي صاح بلهفة:
سيف ك...

خرج أحد الأطباء من غرفة العمليات يبحث عن سيف ليجده واقفا بدون اى ردة فعل ليجذبه بقوة هاتفا:
دكتور سيف ماعندناش وقت المريض نزف كتير.

شهق الجميع ليفيق سيف مما هو فيه لينظر لهم وكأنه يترجاهم أن يخبروه من بالداخل لكن شعر بجذب رفيقه له فدخل سريعا للغرفة يتقدم من فراش المريض والذي هو أحد أفراد عائلته، و لايعلم من هو
تقدم بأرجل ترتعش من الموقف حتى توقف أمام الفراش يرمقه بتحفز، واخيرا اتضح وجه ذاك المريض والذي لم يكن سوى كريمة...

في الخارج كان الجميع في حالة مزرية فبعد انهيار صلاح كليا تم نقله لغرفة بجانبهم ومعه مراد وايضا طمطم التي أخذت غرفة بجانبهم ومعها نسرين...

فجأة وجد الجميع عاصفة تدخل عليهم ولم تكن سوى نيرة التي كانت تركض كما لو أن الشياطين تطاردها، لم تكن تختلف كثيرا عن الجميع فملامحها كانت باهتة وشبه منهارة، خلفها كان حسام يركض ومعه معتز (ابن جاسر الأصغر) الذي علم بالأمر عند عودته من العمل فأتى معهم...

اتجهت نيرة سريعا لغرفة العمليات تقف أمامها تتنفس بعنف تهمس لنفسها وهي تضع يدها على الباب:
كريمة...
صمتت تتنفس بصعوبة لكتمها شهقات تأبى أن تخرج لكن دموعها لم تطيعها فهبطت بعنف:
كريمة انتي قوية يا قلبي وهتقومي منها، انا عارفة هتقومي منها عشان كلنا هندمر من بعدك يا كريمة.

كان ابريس يضم ميسرة التي ترمق الجميع بجمود ودموعها تسير على خدها دون أن تشعر
همست بشرود بينما بسمة موجوعة تشق وجهها:
كانت أول مرة اضحك من قلبي...

انتبه لها ابريس ليرمقها بتعجب لتكمل هي ببسمة شاردة من بين دموعها:
اول مرة اضحك من قلبي لما شوفت كريمة ونسرين وطمطم في القطر وانا مسافرة، وقتها فكرت مجرد صدفة وخلاص بس مكنتش اعرف انهم هيكونوا عيلة ليا، كريمة لو حصل ليها حاجة هتكسر فرحة البيت كله يا ابريس.

دخل مصعب وخلفه الجميع متجهين صوب غرفة العمليات، تحدث تاج بقلق يسأل والده:
فيه اخبار؟

هز ابريس رأسه برفض يربت على ميسرة:
لسه، سيف هو اللي بيعمل ليها العملية ولسه داخل من شوية ومستنين اي خبر.

نظر احمس للجميع بحزن واسف ودعا أن تتخطي كريمة ما هي به
ربت ست على كتف أخيه بحنان:
لا تقلق يا أخي ستكون بخير، لا تنسى أنها من سلالتي وأنت تعرف انني لا استسلم بسهولة.

ابتسم ابريس بسمة باهتة لحديث أخيه والذي اعترف أن كريمة من سلالته.

ابتعد جاسر عن الجميع يريد أن يختلي بنفسه ليذهب في ممر فرعي ضيق يجلس في أحد الأركان بهدوء شديد يضم رأسه لقدمه لينفجر فجأة في البكاء يتذكر كريمة وكل حديثها له، كريمة التي كانت له أخت رغم كل ما كانت تفعله به إلا أنه لم يغضب او يمل منها يوما، ازداد بكاء جاسر يشعر بعائلته تتفكك من حوله، تعب طمطم وصلاح، جنون نيرة وانهيار الباقيين يشعر بالعجز يقيده.

شعر جاسر بأحد يربت على كتفه ليرفع نظره فوجد حسام يبتسم له مشجعا:
هتكون بخير يا جاسر هو إنت متعرفش كريمة ولا إيه؟ هتلاقيها قايمة دلوقتي تطلع عينك إنت ونسرين زي الاول.

ألقى جاسر نفسه بين أحضان أخيه يبكي اكثر واكثر على ما حدث لهم يهتف من بين شهقاته:
انا موافق والله ما هفتح بقي بكلمة واحدة تقول اللي هي عايزاه بس تقوم تآني، حاسس إن اختي او أمي هي اللي في العمليات يا حسام...

سقطت دموع حسام على كريمة فهي لم تكن مجرد قريبة لهم او رفيقة بل كانت اخت وأم للجميع.

في العمليات
كانت يد سيف ترتعش ودموعه تسقط بعنف، تعجب من معه من حالته تلك ليتحدث طبيب اخر:
دكتور سيف انت بخير؟

هز سيف رأسه يحاول التركيز يتذكر قسمه و يحاول اقناع نفسه أن تلك مجرد حالة لا أكثر...

تحدث الطبيب مجددا يلاحظ حالة سيف:
حضرتك تعرف الحالة يا دكتور.

هز سيف رأسه يحاول تمالك نفسه ليهمس من بين دموعه بصوت ضعيف أثر بكاءه:
أمي...

كان الأطفال يجلسون في المنزل بهدوء مريب بعد أن استطاع مروان أن يهدأ هنا وجعلها تنام وكذلك حسن وساندي بعد أن بكوا لساعات طويلة.

كانت سماريا تتسطح بتعب بجانب نونيا ونازيا التي كانت تربت على كلا منهما قليلا تدعو الله أن يخرج عائلتهم من تلك المحنة.

دون أن يشعر أحد تسحب باسل من بينهم هابطا للاسفل لكن رنا لاحظت ما فعله لتتبعه بتعجب فتجده يدخل لغرفته قليلا ثم يخرج منها متجها صوب الباب، تبعته رنا تتعجب تصرفه ذلك فتجده يخرج من المنزل ركضا، لتركض خلفه بسرعة.

كان باسل يركض وهو يبكي بشدة لم يرد البكاء امام أحد لذا خرج من المنزل ليبكي كما يشاء، ارتفعت شهقات باسل اكثر واكثر لتبدو حالته مثيرة للشفقة فبدأت رنا أيضا تبكي عليه وعلى ما حدث للجميع...

توقف باسل فجأة ليتنفس بعنف ويحاول تهدئة نفسه ثم مسح دموعه وانحرف في إحدى الشوارع لتتبعه رنا فوجدته يدخل لدار الأيتام الذي يقبع في ذلك الشارع...

دخل باسل دار الايتام الذي تعرف على أحد أطفاله ذات يوم، أخذ ينظر حوله يبحث عن أى أحد حتى سمع صوت خلفه:
بتدور على ايه يا باسل؟

استدار باسل ليجد رنا ترمقه بتعجب لوجوده انكمشت ملامحه بامتعاض لرؤيتها له في تلك الحالة المزرية، اقترب أحد المسئولين من باسل يبتسم:
باسل، جيت عشان عمرو؟

نظر باسل للرجل الذي يقف امامه ليهز رأسه برفض قائلا:
أنا جاى لخالتو منار.

ابتسم الرجل مشيرا لأحد الغرف بعيدا:
هتلاقيها في المكتب اللي هناك ده.

هز باسل رأسه ينظر لما بيده ثم اتجه للغرفة لكن توقف فجأة ينظر لرنا لا يريد تركها وحدها ليقول:
تعالي معايا.

ابتسمت له رنا تمسح أثر الدموع من خدها تركض له وتمسك يده ليجفل باسل من حركتها لكنه لم يعقب أبدا بل شدد على يدها متجها صوب غرفة الخالة منار ليطرق الباب منتظرا الرد حتى سمع اذنها بالدخول...

دخل باسل الغرفة يبحث بعينه عن الخالة منار حتى وجدها تجلس على الاربكة وتغلق مصحفها ويبدو أنها انتهت للتو من قراءته...
اقترب باسل منها وهو مايزال يمسك يد رنا جيدا كأنها ستهرب منه لتشير له منار بالجلوس فجلس وبجانبه رنا...
ابتسمت منار له قائلة:
الحلو منور مكتبي ليه؟

نظر باسل لما بيده بتردد ثم قال:
جدو قالي قبل كده ان لما حد يتعب واحنا بنطلع صدقة ربنا بيشفيه صح الكلام ده!؟

ابتسمت منار بشدة لاخلاق ذلك الطفل لتهز رأسها بايجاب:
صح يا حبيبي.

مدّ باسل يده بحصالته يقول بدموع يحاول منعها:
طب انا عايز تاخدي دول وتجيبي بيهم لعب للأطفال وهاتي سبايدر مان لعمرو عشان هو كان نفسه فيه.

صمت قليلا لتسقط دموعه اكثر مما أبكى رنا ابتسمت منار على براءة الأطفال لتمسح دمعة فرت من عينها وتقترب منه تضمه بحنان قائلة:
حبيبي ربنا يسعدك ياقلبي ومتقلقش انا هجيب ليهم كلهم لعب وهجيب لعمرو كمان السبايدر مان بتاعه.

بكى باسل اكثر ينظر لعينها برجاء:
كده جدتي هتبقى كويسة صح؟

هبطت دموع منار تضمه اكثر بحنان:
ايوة ياقلبي هي هتكون بخير، كفاية انها عندها أحفاد قمرات زيكم كده انت بس ادعيلها وقول ربنا يشفيها ويعافيها.

بكى باسل وهو يهتف بوجع:
يارب اشفيها وعافيها يارب.

بكت رنا اكثر ليبتعد باسل عن أحضان منار مربتا على ظهر رنا لترتمي منار باحضانه باكية:
انا خايفة آوي يا باسل مش عايزة تيتة تموت.

تغيرت ملامح باسل للانزعاج هاتفا:
متقوليش كده كريمة هتكون كويسة احنا طلعنا صدقة وجدو قالي إن لو طلعنا صدقة عشان اى حد تعبان ربنا بيشفيه وكمان عمي عدى كان دايما بيقول (داووا مرضاكم بالصدقة).

أنهى حديثه ينظر لمنار كأنه يسألها اذا كان حديثه صحيح لتبتسم له منار وتهز رأسها بايجاب.

زفر حوني بغيظ شديد صارخا في ميرانا:
ميرانا واللعنة عودي للقصر الان نحن لسنا ذاهبين في نزهة.

رمقته ميرانا ببرود شديد متجهة لأحد الأحصنة التي تقف جانبا لتصعد عليه قائلة بتصميم:
هيا حتى لا نتأخر يا حوني.

رمقها حوني بشر لعصيانها اوامره فقالت ببسمة ساخرة:
هيا يا عزيزي لا تظن انني سأتركك بمفردك مع صائدة الرجال تلك...

ابتسمت شافا باستهزاء تتجهة لحصانها كما فعل ازى واوناس الذي كانت لورا تتعلق بذراعه:
لا تدعها تقترب منك اوناس والا قتلتكم سويا.

ابتسم اوناس مقتربا منها يقبلها في جبينها بحنان:
وهل تظنين أن ميرانا ستغفل عنها ولو ثانية واحدة!؟

هزت لورا رأسها بنفي فهي اكثر من يعرف عناد اختها
ابتسمت مودعة اوناس بينما ازى كان يودع زوجته أيضا لينطلق الجميع تجاه تلك الشجرة التي من المفترض أن تعيد لهم عائلتهم...

توتر وأعصاب تحترق بينما صوت الأجهزة جانبهم لا يساعد أبدا في تخفيف حدة الأجواء
صدح صوت أحد الأطباء يقول بفزع:
محتاجين دم ضروري وماظنش الكمية اللي عندنا هتكفي.

زفر سيف يشعر بقرب فقدانه لاعصابه لكنه قال بهدوء خادع:
حد يخرج يعمل تحليل دم لكل اللي برة ويشوف المناسب للفصيلة
بتاعتها والباقي يخليه معايا هنا.

هزت ممرضة رأسها بإيجاب لتخرج سريعا باحثة عن أهل المريضة فينتفض الجميع ينظرون لها بترقب لتقول سريعا وبلهفة: محتاجين حد يتبرع بالدم لو سمحتوا بس بسرعة عشان المريضة نزفت كتير.

نظر الجميع لبعضه ليتساءل تاج سريعا:
طب فصيلة دمها ايه؟

أجابت الممرضة سريعا بفصيلة دم كريمة ليسارع مصعب الذي كانت فصيلته تلائم فصيلة كريمة بالتطوع:
انا نفس الفصيلة تقدري تاخدي مني.

أشارت له الممرضة نحو إحدى الغرف:
طب أتفضل حضرتك معايا نعمل الإجراءات اللازمة.

ذهب معها مصعب تاركا الجميع يضع يده على قلبه برعب
ليمر الوقت وتعود الممرضة بكيس دماء وتدخل سريعا، ليأتي مصعب ويجلس معهم مجددا لكن بارهاق قليلا وهو يحمل علبة عصير يرفض حتى تذوقها، انقضت دقائق أخرى ليشعر الجميع بتوتر الأجواء داخل الغرفة وتعالي بعض الأصوات فتخرج الممرضة مجددا تركض وتحضر كيس دماء من المشفى ثم تعود وتخرج مجددا قائلة:
محتاجين دم تآني حالة المريضة خطيرة.

تحدث مصعب ينهض بتعب قليلا:
ممكن تاخدي مني اللي انتي عايزاه.

رفضت الممرضة الأمر كليا ليصيح بها مصعب:
انتي مالك خدي اللي عايزاه وانا همضيلك إقرار اني مسئول.

تدخل احمس يلاحظ ارتفاع التوتر:
احم هو ممكن انا اتبرع.

تحدثت الممرضة تنظر له بلهفة:
هو حضرتك نفس الفصيلة!؟

لم يعلم احمس ما تقصد لكنه أخبرها:
معرفش ممكن تشوفي انتي؟
أشارت له الممرضة ليتبعها وخلفهم ست ونانيس وبيك الذين ذهبوا لعلهم يطابقوا فصيلة دم كريمة.

وتمر دقائق أخرى وتعود الممرضة بكيس دماء اخر تدخل سريعا لغرفة العمليات ويعود الجميع خلفها ليجدوا أن احمس هو من تبرع لها بالدماء...

ساعات مرت على الجميع لتنحرق اعصابهم تماما...
أفاق صلاح من اغماءه ليتحرك مع مراد لغرفة العمليات ينتظر معهم علّ أحد يخرج فيطمئنهم
زفر تاج بضيق ليقول بنفاذ صبر: هو فيه إيه ل...

لم يكمل كلامه ليجد الغرفة تفتح وبعض الممرضين يخرجون وهم يجرون كريمة وخلفهم سيف الذي خرج يكاد ينهار مما تعرض له من ضغط
ركض له الجميع يرمقونه بلهفة وترقب ليتحدث ببسمة مرهقة:
الحمدلله عدت على خير هنستنى بس تفوق عشان نتأكد أن كل حاجة كويسة.

زفر الجميع أنفاسه المحبوسة ليخر صلاح ساجدا وهو يبكي ويشكر الله على فضله لتسقط دموع الجميع من هذا المشهد متمنيين أن يكمل الله شفاء كريمة على خير.

توقف الجميع في الطريق ليرتاحوا قليلا فقد أوشك الظلام على الحلول، أشار لهم حوني بأن يعسكروا في تلك المنطقة ليبدأ اوناس في جمع بعض الأخشاب و ذهب حوني مع ميرانا لقطف بعض الفواكه من الأشجار حولهم بينما ازى يراقب الأمتعة الخاصة بهم وايضا شافا التي كانت تبدو هادئة بشكل مريب جدا...

عاد حوني وميرانا بعد نصف ساعة من ذهابهم لنبدأ ميرانا في تحضير الطعام وذهب حوني مع ازى ليحدثه بعيدا عن عيون شافا:
انا اعلم ازى لكن لا سبيل أمامنا سوى باتباع تلك الفتاة.

زفر ازى يخشى نظرات الفتاة ويخشى أن تخدعهم:
ماذا إن كانت تخدعنا.

ابتسم حوني ساخرا:
هي بالتأكيد تفعل لكن انا انتظر فقط الوقت المناسب لاريها مع من تلعب.

كاد ازى يجيب لولا صوت اوناس الذي ناداه ترك ازى حوني يفكر في الأمر، ترى ماذا تخطط شافا تلك؟

فجأة شعر بأحد يضمه من الخلف ليظنها ميرانا فيبتسم لكن بدأت تلك اللمسات تزداد جرأة لم يعهدها في زوجته ليستدير سريعا وكما توقع كانت تلك الخبيثة شافا...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب