رواية لعنة الفراعنة الجزء الثالث للكاتبة رحمة نبيل الفصل الثامن

رواية لعنة الفراعنة الجزء الثالث للكاتبة رحمة نبيل الفصل الثامن

رواية لعنة الفراعنة الجزء الثالث للكاتبة رحمة نبيل الفصل الثامن

كانت تشعر بضجيج مرتفع حولها. أصوات عالية تخترق مسامعها، ذكريات كثيرة تمر أمام عينها تشعر كأنها تعيش تلك الذكريات مجددا
(لو زعلك بس قوليلي يا ماما الواد ابن جاسر اللي جاسر مكانش فاضي يربيه مزعلني وشوفي امك هتعمل ايه).

(بقولك ايه يا بت يا فاطمة هو ابن جاسر يهمك آوي يعني لو خلصت منه هو وابوه هتزعلي كام يوم كده؟ ).

(تقدمت كريمة من فاطمة التي تقف أمام المرآة يوم زفافها على معشوقها: قمر ما شاء الله يا قلب ماما، اسمعيني كويس يا فاطمة أحمد تحطيه على دماغك احترميه وحبيه دايما اوعي في يوم تزعليه منك، عامليه زي ما تحبي هو يعاملك، سيبك من هزاري البايخ معاه بس أحمد بيحبك آوي و انا في حياتي عمري ما كنت هتمنى ليكِ زوج افضل منه ولا عيلة افضل من عيلة جاسر ناس عارفينهم ودايما معانا يعني كأنك لسه عايشة معانا، اوعي في يوم تزعلي حد فيهم، ولو هو يوم زعلك اوعك يا فاطمة تدخلي حد تالت بينكم أبدا الا لو المشكلة كانت كبيرة وقتها قولي لجاسر انا واثقه انه هيجيب حقك سامعة).

(مين دي اللي بتقول عليكي مش قمر وانا اخزقلها عينها العامية، انتي مش قمر ازاى؟ ده كفاية انك بنتي)
(بقولك ايه يا ابن جاسر انت اللي غلطان من غير ما اسمع بنتنا مفيهاش غلطة، مش فاهمة بتتنك على ايه يا معفن انت).

كانت دموع فاطمة تغرق وسادتها تتذكر حديثها مع والدتها فجأة شعرت وكأن هناك أحد يجثو على صدرها فلا تستطيع التنفس جيدا شهقت بعنف تفتح عينها ترمق ما حولها بصدمة ودموعها مازالت تهبط بشدة...
كان أحمد يمسك يد فاطمة وهو ينظر لها بحب يتنهد بوجع لوجعها ذاك فهي قد اغشى عليها منذ ما حدث البارحة وكانت تفيق طوال الليل لتصرخ باسم والدتها ثم تعود للنوم مجددا
فجأة سمع أحمد شهقة فاطمة مجددا لتصرخ برعب:
ماما.

نهض أحمد سريعا يضمها لصدره بحنان ويهدهدها كأنه طفلته: . اششش بس يا قلبي كريمة كويسة.

نظرت له فاطمة وهي تبكي بعنف تظنه يقول ذلك فقط ليهدئها: متكدبش عليا يا أحمد ماما مش كويسة انا شوفتها كانت بتنزف كتير وهم...

قاطعها يضمها إلى صدره بقوة اكبر وحنان: والله ياقلبي هي كويسة سيف قال لنا انها عدت الخطر وبكره الصبح هنروح كلنا نشوفها.

نظرت له فاطمة بوجه أحمر من البكاء تسأله بعينها أن يطمئن قلبها اكثر، هز أحمد رأسه اكثر يؤكد حديثه لتبتسم فاطمة براحة فيتسطح أحمد على الفراش وهي في أحضانه يربت عليها بحنان شديد وهو يدعو الله أن تنام حتى الصباح فهو لا يريد أن تصر على الذهاب الان لكريمة وهي بهذه الحالة...

امسك سيف يد صلاح يحاول بث الطمئنينة داخله: عمي انا مش هكدب عليك والله كريمة بخير والحمدلله مكانش فيه نزيف داخلي ولا غيره.

تحدث صلاح ومازالت دموعه لم تجف بعد: اوعى تكون بتضحك عليا يا سيف، قولي بالله عليك كريمة فيها ايه.

سقطت دموع سيف مجددا على حالة صلاح الذي أصبح على حافة الجنون لينظر لوالده يطلب مساعدته فتقدم منه ابريس يجذبه لاحضانه يحاول تهدئته: يا صلاح سيف طمنا كلنا وأكيد لو فيه حاجة كان قال اهدى بقى كده بلاش تنهار كفاية بنتك وطمطم ونيرة اللي بقت زي المجانين.

سقطت دموع صلاح يقول بخوف: خايف آوي يا ابريس انت مش حاسس بالنار اللي جوايا مجرد فكرة ان كريمة يحصلها حاجة بتقتلني هموت من الخوف يا ابريس.

رمق ابريس ميسرة التي تضم نيرة محاولة تهدئتها ليتذكر كم المرات التي كاد يخسر بها ميسرة: حاسس بيك والله مفيش حد هيحس بيك قدي بس انت اهدى عشان كريمة متصحاش تلاقيك عامل في نفسك كده.

هز صلاح رأسه بهدوء ليبتعد عن ابريس يتوجه للغرفة التي بها كريمة ويرابط امامها دون الحراك
نظر ابريس لسيف يربت على كتفه يرى ارتعاش جسده يشعر به على وشك الانهيار لتكن تيتي اول من يفكر بها لتهوين حالة ابنه:
سيف إنت روحت مراتك قبل ما تيجي؟
رفع سيف وجهه لوالده لتعلو ملامحه الدهشة للحظات حتى تذكر ما حدث ليقول بتذكر:.

تيتي؟ انا كنت جايبها معايا هنا وخلتها تروح المكتب بتاعي تستناني هناك قبل ما اعرف انها كريمة
ربت ابريس على كتفه:
طب روح شوف مراتك وريح شوية انت تعبت انهاردة
نظر له سيف يهز رأسه موافق فهو للحق يكاد ينهار امام الجميع، تحرك سريعا نحو مكتبه يود الارتماء في احضانها ويبكي يود أن يخرج كل ما بداخله في احضانها هي فقط، سكنه الذي رزقه الله به.

دخل سيف مكتبه بهدوء ليغلق الباب بالمفتاح ويشعل الانوار فيجد زوجته تنام على الاريكة التي كان يقضي عليها لياليه قبل وجودها في حياته، اقترب منها بهدوء ليجلس على ركبته أرضا بجانبها يفكر هل يوقظها ام يتركها تنعم ببعض النوم، لكنه يحتاج إليها حقا، خرج من شروده على يدها التي تربت على شعره لينظر فيجدها تبتسم له وهي تلاعب خصلات شعره هامسة ببحة يظهر فيها أثر النوم:
خلصت العملية؟

وكأنها بكلمته تلك قد أعطته الأذن للانهيار ليهز رأسه بايجاب ودموعه تتسابق من تصل اولا للأسفل، اعتدلت تيتي بفزع ترمقه بعدم فهم وهي ترفع وجهه إليها وتمسح دموعه:
سيف؟ فيه إيه ليه بتعيط كده؟

ازدادت دموع سيف وعلت شهقاته ليرتمي في احضانها يخرج كل الضغط والضعف الذي شعر به من علم بهوية المريض، بكى بعنف يتذكر رجفة يده يتذكر مظهر كريمة ولا تبدي اي حركة، كريمة التي لم تكن تصمت او تهدأ أبدا كانت أمامه كما الجثة الهامدة، كريمة التي كانت تحمله صغيرا لتقذفه عاليا حتى يضحك كانت ساكنة امامه دون اى حركة، والدته التي كانت تلاعبة وتضاحكة كانت تقبع أمامه يحاول أن ينقذها.

علت شهقاته اكثر يتذكر لحظات توقف قلبها والذي شعر بها وكأنها خناجر تقطع به بلا رحمة، لحظات مرت عليه كما الجحيم.

ضمته تيتي اكثر لا تفهم انهياره ذلك والذي تشهده لأول مرة لتسقط دموعها عليه مشددة ضمه:
مالك يا سيف متوجعش قلبي قولي مالك؟

بكى سيف اكثر ليهمس بتقطع من بين شهقاته:
كريمة، كريمة هي المريض اللي عملت حادثه.

تيبست يد تيتي في الهواء بعدما كانت تربت عليه تشعر كما لو أن أحدهم أسقط مطرقة على رأسها نظرت لسيف بعدم فهم:
كريمة مين؟

تحدث سيف بخفوت ووجع:
كريمة يا تيتي كريمة مرات عمي صلاح.

ازدادت دموع تيتي دون أن تشعر لتقول بعدم استيعاب:
بس كريمة في البيت.

ابتعد سيف عنها يهز رأسه برفض:
لا كريمة هنا في العناية، عملت حادثة وكنا هنخسرها.

بكى اكثر بانهيار:
قلبها وقف في العمليات يا تيتي كانت هتموت حسيت اني اتشليت والدكاترة بتزعق جنبي صوت الجهاز كأنه كان بيجلدني.

نظر ليده باكيا:
الايد اللي كانت كريمة بتمسكها وانا صغير عشان تلاعبني هي نفسها الايد اللي كانت انهاردة بتديها صعقات عشان تعيش.

حاولت تيتي تمالك نفسها لا تريد الانهيار الان لأجل سيف الذي يعيش حالة تراها لأول مرة مدت يدها إليه مجددا ليلقي نفسه في احضانها يبكي ما عاشه بينما هي تشاركه البكاء وبعنف تتذكر كريمة تلك السيدة التي كانت أم لها هي واختها وبنات عمها منذ جاءوا لهنا بل وكانت أم لابنائهم، همست بصوت خافت:
هي دلوقتي كويسة؟

هز سيف رأسه قائلا بصوت هامس متعب من كثرة البكاء:
ايوة الحمدلله خرجت من العمليات وهي تحت الملاحظة وبكرة الصبح هنشوف لو فيه اي حاجة نتجت عن العملية.

ضمته تيتي اكثر تقول من بين دموعها:
طب هو في احتمال لاي حاجة وحشه؟

دفن سيف نفسه اكثر فيها لتعلم تيتي أنه يخفي شئ ليصدق حدثها عندما سمعته يقول:
فيه احتمالين خايفين منهم واحد ان العملية اللي كانت في ضهرها تأثر على جسمها.

لم يرد سيف أن يقولها صريحه (تصاب بالشلل) وكيف يقولها بحق الله هذه والدته التي يتحدث عنها، حتى مجرد الكلام مؤلم، اكمل بوجع:
او تدخل في غيبوبة بسبب توقف قلبها أثناء العملية.

ضمته تيتي ولم تتحكم في صوت بكائها لتقول من بين دموعها:
لا لا هي هتكون كويسة انا متأكدة كريمة هتكون كويسة صح.

وكان دور سيف هذه المرة ليحتويها بين احضانه هامسا بأمل:
دي مجرد مخاوف بس ياقلبي ادعي ربنا متحققش.

بكت تيتي بعنف تقول من بين دموعها:
يا رب، يارب.

نهضت نيرة من أمام باب كريمة الذي رفضت النهوض من أمامه سابقا ولساعات طويلة، اتجهت ناحية سامر والذي كان مايزال يجلس أرضا وهو ينظر امامه للفراغ يتذكر مشهد اصطدام السيارة بها وسقوطها، اغمض عينه بوجع لكن فاق على يد توضع على كتفه وصوت والدته:
سامر تعالى خدني البيت عايزة اجيب شوية حاجات لكريمة عشان لما تفوق.

رفع سامر وجهه لنيرة وكاد يعترض لولا نظرتها له أن ينهض دون مجادلة، نهض سامر بتباطئ ينظر لباب كريمة لتسحبه نيرة خلفها دون أن تنظر لاحد ولو بنظره واحده.

نظر حسام لاثر زوجته وابنه بتعجب فمنذ قليل لم تكن نيرة نقبل بالتحرك من أمام غرفة كريمة والآن تصر على الذهاب للمنزل لإحضار بعض الأشياء لكريمة التي لك تفق حتى.

بعد مرور دقائق توقف سامر بسيارته أمام المنزل ليجد والدته تهبط سريعا وتنظر حولها في كل مكان لتحدثه مشيرة لأحد الأركان:
فرغ ليا كل كاميرات الشارع وخصوصا الكاميرات اللي في الجهة دي.

نظر لها سامر لا يفهم شئ مما تقول لتصرخ به نيرة:
أظن سمعت انا قولت ايه؟ فرغ ليا كل الكاميرات اللي هنا.

تحدث سامر بعدم فهم لما تريده والدته:
. بس يا ماما هو...

قاطعته نيرة تقترب منه هامسة بشر ونظهر لم يراه عليها سابقا:
اسمع هتعمل ايه عشان مش هكرر، انت هتروح بالبطاقة بتاعتك زي الشطور تلف على كل الأماكن اللي فيها كاميرات حوالين البيت والمنطقة وتلم ليا كل التسجيلات من قبل الحادثة بساعة ولغاية بعدها بساعة فاهم؟

ابتلع سامر ريقه مرتعبا من والدته:
حاضر بس فهميني هتعملي ايه.

تجاهلت نيرة تساءله لتقول دالفة للمنزل:
هتعرف لما تجيب التسجيلات.

مسح سامر وجهه بضيق مما تفعله والدته، هل تشك في أحد ما؟ حسنا ليفعل كما تريد ووقتها سيعلم ماذا يحدث حوله...

وبالفعل بدأ سامر يتجه للمحلات التي تضع كاميرات امامها ويبدأ بواسطة بطاقته والتي تثبت أنه من ضمن عناصر الشرطة رغم عظم حصوله على أمر رسمي إلا أنه استطاع أن يحصل على تسجيلات من عدة زوايا.

في المنزل عند نازيا كانت تنظر حولها تفحص الأطفال لتلاحظ غياب باسل فتتحدث موجهة كلامها لمروان الذي يراقب صغيرته هنا وساندي بحنان شديد:
مروان فين باسل؟

نظر مروان حوله باحثا عن باسل حيث رآه آخر مرة لكن لم يجده ليهز كتفه بعدم معرفة فتشير له نازيا برجاء:
معلش يا مروان روح شوفه راح فين.

نظر مروان لاخته بحنان ثم ربت عليهم ونهض هابطا للأسفل لكن لم يجد أحد في المنزل نظر جيدا حوله لكن أيضا لم يظهر أحد كاد يتحرك للأعلى لولا رؤيته للباب يفتح ويدخل منه رنا التي ركضت للمطبخ ثم عادت مجددا تحمل اطباق حلوى الميللو راكضة بها للخارج.

لحق بها مروان سريعا خارج المنزل ليفتح فمه مما يرى فكان باسل يضع طاولة صغيرة أمام باب المنزل ويضع عليها اطباق حلوى كثيرة ويقوم بتوزيعها على المارة، اقترب منهم مروان لا يفهم ماذا يحدث ليجد باسل يمسك طبق ويعطيه لرجل كبير يبدو على وجهه حزن شديد وكأنه يحمل هموم الدنيا فوق اكتافه ليقترب منه باسل ببسمة انتقلت تلقائيا للرجل فيتحدث باسل بلطف يحمل ليد الطبق للرجل:
ممكن تدعي لجدتي تقوم بالسلامة.

ابتسم مروان بتأثر لتهبط دموعه مما يرى بينما هبط الرجل يضم باسل ويربت عليه بحنان:
جدتك هتقوم وتكون بخير يا حبيبي.

شعر مروان خلفه بأحد يقف لينظر فوجد نازيا تبكي بتأثر وتحاول أن تخفي دموعها فقال مروان ببسمة:
الظاهر باسل كان عنده طرق تانية يساعد بيها كريمة.

ابتسمت نازيا من بين دموعها بفخر على صغيرها الحبيب لينتبه لهم باسل فتبتسم له نازيا تشجعه اكثر لما يفعل ليركض مروان سريعا للمنزل ليوقظ الباقيين ويساعدوا باسل ورنا بينما نازيا تراقب الجميع بدموع وبسمة وفي داخلها تدعي الله الا يحزن قلوب هؤلاء الصغار أبدا.

اووه انظروا من هنا؟ إنها صائدة الرجال التي لم تجد حتى الآن رجل ينظر إليها.

التفت كلا من حوني وشافا التي ابتسمت بخبث لرؤية ميرانا لها مع زوجها لكم تستمتع كثيرا بهكذا لحظات، هي وتعمدت أن تراها ميرانا وهي تتجه لزوجها.

اقتربت ميرانا منهم ترمقهم باشمئزاز وفي ثواني كان خنجر ميرانا يسقط على يد شافا جارحا اياها لتصدح صرخاتها تشق السكون حولهم، لم تجد شافا ترفع نظرها عن يدها لتوبخ ميرانا حتى شعرت بالخنجر يوضع على رقبتها لدرجة اشعرتها أنه سيخترق عروقها نافذا لعظام رقبتها.

همست ميرانا بفحيح بجانب أذن شافا:
احذري مني يا، فأنا لا اتهاون أبدا اذا اقترب أحد مما يخصني سمعتي.

نظرت لها شافا ببسمة ساخرة لتضغط ميرانا بالخنجر اكثر هامسا بفحيح:
قلت، سمعتي؟

ابتسمت شافا تهز رأسها بايجاب بينما تناظر ميرانا في عينها نظرات تكاد ترديها قتيلة لكن ميرانا ليست بالهينة أبدا وليست مثل تلك النساء التي تتسلي على أزواجهن وبعدها تذهب تلك الزوجة لتبكي اطلالهم...

ابتسمت شافا تنظر لحوني نظرات جعلت ميرانا على وشك الهجوم عليها لولا حوني الذي سارع وامسكها يهمس لها:
اهدئي ميرانا، هي املنا الوحيد للوصول للجميع ارجوكِ.

ابتسمت ميرانا تستند على صدر حوني قائلة بدلال لكن كانت نبرتها مليئة بالعيظ المبطن:
حسنا عزيزي سوف اتركها وشأنها فهي في الأساس لا تعني لي شئ، بل مجرد فتاة حمقاء تلتصق بالرجال عل أحدهم يلتفت إليها.

هزت شافا رأسها ومازالت تحتفظ ببسمتها لترحل تاركة خلفها ميرانا تكاد تحترق بينما ارتسمت على فمها بسمة خبيثة:
تظنين أنكِ هكذا تخفيني، بالعكس صغيرتي تحمست اكثر للعب معكم.

كانت نيرة تجلس أمام الشاشة تستعرض جميع الفديوهات وبجانبها تجلس بدور و مروة وسامر أيضا، أخذت نيرة تقدم التسجيل وتؤخرة وكأنها تبحث عن شئ معين حتى توقف فجأة وقد تحفزت حواسها عند لقطة معينة لتحتد عينها وهي تحضر لقطة أخرى حتى فجأة نهضت بعنف صارخة دون أن يفهم أحد شئ:
اقسم بالله لانزله على دماغكم.

انهت حديثها لتركض سريعا خارج المنزل يلحقها سامر لايعلم ماذا يحدث لها حتى وجدها تتوقف امام الملهى الليلي الذي يتجهز للافتتاح صارخة:
انتي يابنت ال، ياللي فاتحة المخروب ده اطلعيلي يا حيلتها ده انا هنزل المزبلة دي على دماغك ودماغ االي خلفوكي.

خرج الجميع من منازلهم على صوت صراخ نيرة الذي هز الشارع كله ليروا ماذا يحدث بينما خرجت تلك السيدة التي تشاجرت مع كريمة سابقا لتضع يدها في خصرها قائلة بوقاحة:
يا قاعدين يكفيكم شر الجايين.

تحدثت نيرة بنبرة مرعبة تتقدم منها:
للأسف يا سكرة مش هيكفيكم شر الجايين لأن الجايين هيطلعوا عليكي عفاريت الأنس والجن.

انهت كلمتها في اللحظة التي ضربت رأسها برأس تلك السيدة لتصرخ السيدة بوجع عائد للخلف من قوة الضربة لجذبها نيرة من شعرها قائلة بنبرة جعلتها ترتعش:
لو مفكرة كريمة ضربتك يبقى مشوفتيش ضربي ده انا رد سجون يا حيلتها، ده انا هخلي ال 206 عضمة اللي في جسمك يبقوا بقدرة قادر عضمة واحدة.

انهت حديثها وهي تجذب شعر تلك السيدة التي أخذت تصرخ علّ أحد ينجدها لكن من يتجرأ ويتدخل لانقاذها؟ ومِن يد مَن؟ نيرة؟ يبدو أنها تمازحهم.

كانت نيرة تتحرك بالسيدة في منتصف الشارع وهي تلف شعرها حول يدها كاذبة اياها بكل عنف تتحدى أحد أن يتدخل
اخذت السيدة ودخلت للملحق فكاد سامر يمنعها لولا نظرت نيرة التي جعلته يتراجع للخلف خائفا منها لتغلق نيرة الباب بوجهه ولم يُسمع بعدها سوى صوت صرخات السيدة والتي يبدو كما لو كانت تُقطع في الداخل.

سمع سيف وتيتي صوت طرق الباب يعقبه صوت إحدي الممرضات:
دكتور سيف الحالة فاقت يا دكتور.

ابتعد سيف عن تيتي متعجبا حديث الممرضة لينظر للساعة ليجد أن الشمس قد أشرقت بالفعل نهض سريعا يعدل من ثيابه ليخرج سريعا وخلفه تيتي تركض تود أن ترى كريمة...

اقترب سيف من الغرفة ليجد الجميع يقف بتحفز أمام الغرفة في انتظاره ليدخل سريعا يقترب من فراش كريمة اللتي كانت تنظر للسقف دون ردة فعل، اقترب منها بخوف ليهمس:
كريمة؟

استدارت كريمة برأسها لسيف ثم ابتسمت بخفوت قائلة:
حلمت بيك.

سقطت دموع سيف ليركض لها يرتمي عليها يضمها:
كريمة الحمدلله كنت مرعوب والله كنت مرعوب اخسرك او تدخلي في غيبوبة.

تحدثت كريمة باختناق من عناق سيف:
هو إنت لو مبعدتش هتخسرني فعلا، ابعد يا عجل كتمت نفسي يا زبالة.

ابتعد عنها سيف يضحك بصخب وفرحة لعودتها وفي ثواني كان صلاح يدفع الباب صارخا بلهفة وهو يقترب منها:
كريمة...

ابتسمت له كريمة تحاول رفع يدها بوجع قائلة بمزاح:
لا انت تعالى احضني عادي يا ابو صلاح.

ضحك صلاح مقتربا منها ليمسك يدها مقبلا اياها بدموع وفرحة لتلوي كريمة شفتيها بحنق:
ايه يا عم انت بتبوس ايد امك يا صلاح، ده سيف حضني يا جدع.

دخل الجميع فجأة عليها لتنظر لهم ببسمة حنونة:
يا حبايبي كلكم هنا؟

فجأة انتبهت على شئ لتقول:
أمال فين جاسر ونسرين والواد احمد وفاطمة؟ ايه ما صدقوا عيني تغفل عنهم.

اقتحم جاسر الغرفة سريعا ومعه حسام صارخا بفرحة:
كريمة؟ فوقتي؟

ادعت كريمة الإغماء لتقول:
لسه شوية كده وهفوق؟

ضحك الجميع عليها لتتقدم ميسرة هاتفة بحب:
حمدلله على سلامتك يا كرميلتي خوفتينا عليكي...

نظرت لهم كريمة بحنق:
فين ده شايفة يعني مفيش قطع شرايينه عليا ولا عينكم محمرة من العياط يعني، مفيش جديد غير إن عدى مش بياكل بس واتمنى يكون حزن عليا.

مسح هدى دمعة فرت منه ليقترب منها قائلا بمزاح:
طب على فكرة يا كريمة انا مكملتش كوباية اللبن بالبسكوت بسبب اللي حصل.

لوت كريمة فمها ساخرة:
كوباية؟ قصدك كنكة اللبن.

اقترب مصعب منها قائلا ببسمة:
حمدلله على سلامتك يا كريمة، على فكرة انا اتبرعت ليكي بدم من عندي.

نظرت كريمة بتعجب له:
ايوة اعمل ايه يعني؟ اقوم احاسبك.

ابتسم مصعب بخبث مقتربا منها هامسا:
لا كلك ذوق بقى يا كرميلة يعني في مرة تلاقينا منفرد بمراتي سيلينا في حالنا وكده يعني.

بصقت كريمة في الهواء هاتفة:
شوف الزبالة، شايفني على فراش الموت ويقولي استفرد بمراتي.

ضحك صلاح عليها هاتفا:
فراش موت مين بس يا كريمة بعد الشر عليكي.

غمزت كريمة لسيف قائلة:
سيف هو ممكن طالما نقلت دم من مصعب، جينات السفالة بتاعتة تتنقل برضو.

كرمش سيف ملامحه بتعجب:
ازاى يعني مش فاهم، هو نقل ليكي دم بس يا كريمة.

قالت كريمة بخيبة امل:
يا خسارة ده انا كنت هدلع المسكين صلاح والله.

اقترب منها صلاح هامسا بمكر:
طب متدلعني يا وحش من غير جينات اي حاجة منك حلوة.

انحنى مصعب لهم ليهمس بصوت منخفض:
طب وليه منا اعلمك يا كريمة.

ابعدته كريمة عنهم قائلة:
ايه رخامتك دي ياض مش شايف الراجل مقرب مني وبيوشوشني يبقى تحس على دم امك ميسرة وتبعد.

رفعت نظرها للجميع قائلة بتعب تحاول احفاءه:
بقولكم ايه انا زي الفل يلا كل واحد يروح يشوف مصلحته عايز اقعد مع الراجل شوية.

تحدث احمس بحنق من كريمة:
انظروا إليها، كاد الجميع يموت رعبا عليها وهي تأتي لتطردنا بعيدا بعد أن افاقت.

رفعت كريمة نظرها لاحمس:
مين اللي بيتكلم؟ تعالى هنا يا جدو كلمني وش لوش بتتكلم من بعيد ليه ها!؟

انحنى تاج هذه المرة على كريمة قائلا:
كريمة احمس اتبرع ليكي بدم برضو فخليكي لطيفة شوية معاه الراجل كان زعلان عليكي.

رفعت كريمة نظرها لاحمس بتأثر:
انت يا جدو، مكنتش اتوقع تعملها، جميلك ده فوج فوج راسي ا...

لم تكمل كلامها حتى قاطعهم...

اكمل الجميع طريقهم للبحث عن الكهف بعد أن ارتاحوا قليلا لتشير شافا لإحدى الأماكن البعيدة نسبيا هاتفة:
هناك، لقد اقتربنا كثيرا.

نظر حوني لازى واوناس بأن يراقبوا شافا جيدا فشعور أنها تخطط لشئ سئ يلازمهم وبقوة، استمر الجميع في السير لمسافة لا بأس بها حتى وصلوا لجبل مرتفع يقبع أعلاه كهف فتشير له شافا قائلة بصوت عالي:
هناك، هذا هو الكهف الذي به شجرة العصور.

نظر له حوني بشك:
والان ماذا؟

هبطت شافا من حصانها لتحمل حقيبة على ظهرها هاتفة تستعد للتسلق:
سوف اصعد على الجبل واحاول أن...

قاطعتها ميرانا عن إكمال حديثها:
نصعد يا عزيزتي وليس اصعد، جميعنا سنصعد للجبل معكي.

ضغطت شافا على شفتيها بغيظ من تلك الفتاة التي تزعجها منذ بداية الرحلة لكن اضطرت لهز رأسها تدعي عدم المبالاة:
لا بأس يمكنكم الصعود معي انا لا امانع.

هبط الجميع كلا من حصانه الخاص لينظروا للجبل ثم بدأوا التسلق لأعلى بينما شافا تفطر في أن هدفها الذي لطالما سعت إليه اصبع على بعد خطوات صغيرة، فقط تعيد احمس لهنا وتنتهي من هؤلاء الحمقى، يظنون انها ستعيد الجميع بل هي ستضع ثياب احمس فقط لكي تحضره الشجرة وستدعي انها وضعت ثياب الباقيين ولم تحضرهم الشجرة بل ربما ضاعوا خلال الأبعاد، كانت تفكر في خطتها فعقلها به اكثر من خطة لانهاء تلك المغامرة المقيتة بالنسبة لها، لمحت بعينها ميرانا التي تجاورها وهي تتسلق لأعلى لتبتسم بخبث وتزيد من سرعتها لتسبقها.

فتبتسم ميرانا بسخرية تظن أن شافا تسابقها لكن شافا كانت تفكر في شئ اخر كليا فبمجرد أن سبقت ميرانا واصبحت فوق ضربت بقدمها أحد الصخور المتوسطة والتي يبدو أنها غير متماسكة لتسقط صوب ميرانا...

كان حوني والجميع يتسلق محو قمة الجبل حتى انتبه ازى لصخرة تتدحرج بقوة جهة ميرانا ليصرخ برعب:
ميرانا انتبهي...

استدار حوني والجميع بفزع لميرانا التي رفعت رأسها لأعلى لتجد صخرة عملاقة تتدحرج إليها فتصرخ بفزع و...

ضرب سيف جبهته مقاطعا حديث الجميع وقد تذكر:
نسيت افحص كريمة.

نظر له الجميع بتعجب ليشير لهم بالخروج وقد عاد الطبيب بداخله وكأنه استيقظ للتو:
لو سمحت اطلعوا كلكم برة عشان افحصها مينفعش كدة.

تشنجت كريمة من تذكره الان بعد أن كاد الجميع يكسر عظامها أثناء معانقتهم اياها:
لا والله؟
فجأة فتح الباب ليدخل منه احمد وخلفه فاطمة التي ركضت لها بسرعة ليقول احمد ببسمة:
كده يا كرميلة تزعلينا عليكي.

نظرت له كريمة بشك هو وجاسر:
مش مطمني انت وابوك القلق ده مش مطمني.

فتح الباب ليدخل منه جميع الأطفال بعد أن حادثهم تاج ومعهم الفتيات...

انطلق باسل إلى كريمة بسرعة يضمها بخوف قائلا:
كرميلة انتي بخير!؟ انا دعيت ربنا كتير انك تقومي وتكوني بخير يا كريمة والله.

تأثرت كريمة من حديثه لتضمه بحنان وحب:
انا بخير يا قلب كريمة ربنا يحفظك ليا يا باسل انت اللي فيهم يابني والله.

هز باسل رأسه بدموع لتربت عليه كريمة:
خلاص يا باسل يا حبيبي انا بخير متعيطش.

تحدث باسل بجدية مضحكة:
انا مش بعيط عشانك يا كريمة انا بعيط على المارشيميلو اللي كنت عاملة للبنات اضطريت اني اوزعه عشان ربنا يقومك بالسلامة، اعمل ايه انا دلوقتي وأصلح سما ازاى بس.

ابعدته كريمة عنها بنزق هاتفة:
ابعد يا زبالة ابعد ده انا شوية وكانت دمعتي هتفر عليك قال وانا اللي مفكراك بعيط عشاني.

مسح باسل دموعه قائلا بقلة حيلة:
بس بقى سيبوني في حالي، انا اللي فيا مكفيني تاج اكل الكاب كيك والميللو وزعته وميبقاش معايا شلن، اثبت البنات أزاى انت دلوقتي؟

أنهى حديثه بحزن شديد ليضيف:
مش مشكلة المهم انك بخير يا كريمة بس افتكري اني ضحيت كتير عشانك يعني تساعديني بعد كده لما احتاج حاجة.

اضاف مصعب على حديث ابنه:
وانا اتبرعت ليكي بالدم يا كريمة.

رفع احمس يده:
وانا كمان اتبرعت.

فتح الباب ليدخل كل من نيرة وسامر الذين سمعوا اخر الحديث وضحكات الجميع من الخارج اضاف سامر ببسمة:
وانا تليفوني اتفرم تحت العربية يا كريمة.

ابتسمت نيرة غامزة لها: وانا ايدي وجعتني من الضرب يا يا كرميلة.

نظرت لهم كريمة بحنق:
هو فيه إيه؟ انتم جايبني هنا تذلوني ولا إيه...
شيل يابني ام الأجهزة من عليا واقتلني اكرملي.

صدحت ضحكات الجميع في الغرفة حامدين الله على سلامة كريمة وتخطيهم لتلك المحنة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب