الرئيسية - المكتبة العلمية - علوم متنوعة:

علم الفلك الراديوي

تعريف

علم الفلك الراديوي هو فرع حديث نسبياً من علم الفلك. ففي حين كان يعتمد علم الفلك على المجال المرئي من الطيف الكهرمغنطيسي، امتد البحث عن الأجرام السماوية وما يصدر عنها من إشعاعات إلى الأمواج تحت الحمراء والأمواج الراديوية ذات الأطوال الموجية الأكـبر من الأطـوال الموجية للطيف المرئي من جهة، وإلى الأمـواج فـوق البنفسجية والأمـواج السينية وأشعة غاما من الجهة الأخـرى للأطوال الموجية القصيرة. تمتد الأطـوال الموجـية الراديويـة بين بضعة مليمترات وبضعة كيلومترات. ويعبـر عن هذه المجالات أيضا بصورة مكافئة، بدلالـة الترددات (التواترات)، فيقع المجال الراديوي بين 1.5×410 و1×710هرتز (hz)، أو بدلالة طاقات فوتوناتها المقابلة بين بضعة أجزاء من المئة إلى بضعة أجزاء من المليون من الإلكترون فولط. ويُطلِق بعضهم اسم الأمواج المكروية microwaves على الأمواج الراديوية التي تقلّ أطوال موجاتها عن 30 سنتمتر. ويُستمد قرابة خمسةٍ وستين بالمئة من المعرفة الحالية بالكون من هذا الفرع من الفلك. فقد ساعد على اكتشاف الكازارات quasars والنبّاضات pulsars والثقوب السوداء وإشعاع الخلفية الكونية background radiation، الذي يعزى إلى الانفجار العظيم، والمجرات الراديوية، وكذلك في اكتشاف الهدروجين والكربون وجزيئاتهما في الفضاء الكوني.

لمحة تاريخية

كان مهندس الراديو الأمريكي كارل جانسكي يدرس مصادر الأمواج الراديوية الطبيعية القصيرة، كالصواعق البرقية وما يصحبها من تداخل وتشويش إذاعي باضطراب كهربائية الجو. فلاحظ أن بعض الأمواج الراديوية الضعيفة تبدو آتية من السماء لا من الأرض. وبإجراء مزيد من الاختبارات تبين له أن مصدر هذه الأمواج هو الفضاء الخارجي وتحديداً من قلب مجرة درب التبانة.

 

- أعلن جانسكي عن اعتقاده أن النجوم والمجرات لا تبعث أمواجاً ضوئية فحسب بل أيضاً أمواجاً راديوية وأمواجاً أخرى من أنماط مختلفة هي كلها أشكال من الطاقة الكهرومغناطيسية.

- فكان ذلك بداية علم الفلك الراديوي الذي عرفنا الشيء الكثير عن سعة الكون.

- بدأ العالم الأمريكي كارل جانسكي دراسة الأمواج الراديوية الطبيعية الآتية من الفضاء.

- و اكتشف جانسكي أن مصدر تلك الأمواج هو مجرتنا مجرة درب التبانة

 

استخدمت التلسكوبات الراديوية والتي لا تستشعر الضوء بل هي تستشعر أمواجاً غير مرئية شبيهة بأمواج الضوء لكن أطول منها بكثير كالأمواج الراديوية الآتية من أجسام فلكية في الفضاء.

 

وهو أحد مجالات علم الفلك وهو هام جدا ومن أهم مميزاته هو امكانيه عبور الاشعاع الراديوي لتلك المناطق التي تمتص فيها الموجات القصيره بواسطه غبار ماده ما بين النجوم وأيضا دراسه الاجسام البعيده جدا.
وتعتبر الموجات الراديويه من الموجات الطويله حيث يصل الطول الموجي من 1 ميلليمتر الي 1 كيلومتر
ويمكن بواسطه الفلك الراديوي أخذ رصدات أتناء النهار حيث أن الموجات الراديويه لا تتأثر بضوء الشمس المتشتت في الغلاف الجوي الارضي .

 

ومن أمثله استخدام الفلك الراديوي موجات الfm,am ومن أكبر المشكلات التي تواجه الفلكيين أثناء رصد الموجات الراديويه هي الموجات الراديويه الصناعيه مثل موجات الراديو والتليفزيون ولذلك يفضل الابتعاد عن أماكن التلوث الراديوي أثناء الرصد.

المنابع الراديوية

نضج علم الفلك الراديوي منذ الستينيات وأسهم في تصنيف المجرات. فبعد أن كان التصنيف يعتمد بصورة رئيسة على شكل المجرة كما تظهر في المجال المرئي، وُجد أن بعض المجرات تحتوي نوى نشيطة تُصدر إشعاعات راديوية عالية الشدة ذات طاقة هائلة، كما تَصْدر هذه الإشعاعات عن مناطق تقع على أطراف هذه المجرات على شكل فصوص، وغالباً ما تكون هذه المجرّات إهليلجية، فسميت المجرات الراديوية. كما وجد أن قرابة خمسة بالمئة من المجرّات مجرّات نشيطة، ومنها ما يصدر إشعاعات راديوية متأرجحة الشدة، ومتناوبتها سميت الكازارات (جمع لكلمة كازار). وعند التدقيق في بعض المجرات وجد أن الإشعاع الشديد يترافق مع عملية غريبة، ليست مفهومة حتى اليوم فهماً تاماً، تَحْدُث عند النوى تشير إلى حدوث انفجارات ونفثات غازية أو أيونية مع إلكترونات سريعة لكن هذا الإشعاع الشديد يشبه الإشعاعات الصادرة عن مثل هذه الجسيمات المسرَّعة صنعياً حتى سرعة تقارب سرعة الضوء، التي تسمى الإشعاع السنكروتروني syncrotron radiation.

 

تصدر عن الجسيمات المشحونة كهربائياً مثل الإلكترونات والبروتونات المتسارعة سواء كان التسارع خطياً يزيد من قيمة السرعة، أم ناظمياً على المسار يغير من اتجاه هذه السرعة، وسواء كانت في الخلاء أم في المادة (كما في سلك الهوائي) إشعاعات كهرمغنطيسية يعتمد توزع شدتها وفق الاتجاهات وتواترها على هذا التسارع وعلى سرعتها. غير أن هذا التوزع يأخذ شكلاً حادّا حينما تقترب سرعة الجسيمات من سرعة الضوء لتولّد الإشعاع السنكروتروني، الذي لوحظ للمرة الأولى عام 1947 عياناً في مسرّع دائري للإلكترونات معروف بالسنكروترون يستعمل حقلاً مغنطيسياً لجعل الجسيمات تسير دائرياً وحقلاً كهربائياً لتعويض الضياعات عند كل دورة. وكان هذا الإشعاع يعدّ أحد أنواع الضياعات التي يجب تعويضها لتبقى الجسيمات في مساراتها. غير أن ميزات هذا الإشعاع الفريدة جعلته أداة مفيدة في كثير من مجالات الفيزياء وعلوم الحياة. إن أبرز ما يميّز هذا الإشعاع كونه عالي الاستقطابية ومستمراً واعتماد تواتره، وشدته على الحقل المغنطيسي الذي يجعل حركة الجسيمات متموّجة فتصدره، فهو خلافاً للإشعاعات الحرارية لا يعتمد على درجة حرارة المنبع.
 
وقد اكتُشف أيضاً أن بعض المنابع تصدر دفقات منتظمة زمنياً، من الطاقة تراوح تواتراتها ما بين مرّة وثلاثين مرة في الثانية سميت النبّاضات pulsars، وكان أوّلها قد اكتشف عام 1967 ثم ازداد عددها ليصل إلى الآلاف. وتستعمل اليوم مؤقتات كونية مرجعية، تماماً كما تستعمل بعض النجوم مواقع مرجعية. تبيَّن فيما بعد أن النباضات عبارة عن نجوم نترونية تلفّ لفّاً سريعاً حول نفسها مرسلة تلك الدفقات المنتظمة كلما مرّ محورها باتجاه الأرض.

 

لم تقتصر الفائدة من التقدم في علم الفلك الراديوي على المساعدة في فهم الكون، بل تعدَّته للاستخدامات على الأرض. فقد استُعمل العديد من الكواشف المطوَّرة أصلا للفلك لرصد ظواهر تحدث على الأرض أو في المجموعة الشمسية مثل رصد الكوكب زحل والمشتري والجو المحيط بهما، إذ يحتاج رصد ما يصدر عنهما إلى حساسية عالية بالمقارنة مع ما يصدر عن الشمس مثلاً التي خُصّص لدراستها ساتل satellite مع مقرابه. فقد بدأ في عام 1965 استعمال أدوات الفلك الراديوي للرصد الأرضي المفيد في التنبؤ بسلوك الجو الأرضي والطقس والإشعاع الأرضي المكافئ لإشعاع الجسم الأسود، إذ يقع المجال الراديوي فيما يعرف بالنافذة الراديوية التي لا تحجبها الغيوم. ففي عام 1970 حُدِّد توزع درجة الحرارة الجويّة باستعمال المجس المرسل المستقبل على متن طائرة ثم باستعمال السواتل الصنعية. تستطيع هذه المحطات متابعة التغيرات في درجة الحرارة وتحديد المراكز المهمة من حيث درجات الحرارة الأعظمية والأصغرية، وكذلك مراكز الأعاصير واتجاهات تحرّكها، وفي رصد غازات محدّدة تهدد بيئة الأرض. كما أفادت من الدقة البالغة المستخدمة للكشف عن الجزيئات في الفضاء لتشخيص سرطان الثدي في البشر باستخدام المقاييس الراديوية المكروية لتحديد الإشعاعات الصادرة عن النسج المصابة التي تعطي ارتفاعات حرارية شاذة.

 

شجّع نجاح علم الفلك الراديوي على استكمال ما يصدر من إشعاعات عن المنابع كافة على كامل الطيف الكهرمغنطيسي، إضافة إلى ما يمكن أن يعطيه من معلومات ينفرد بها. فهناك مشاريع عالمية مشتركة تتضافر فيها الجهود الاستكشافية والبيئية لحماية الإنسان ومنها ما ذكر عن دراسة الحركة التكتونية وانزياح القارّات. كما شجّع على مشاركة الهواة في بحوث لا تقل في مستواها عن أبحاث الاختصاصيين المحترفين، سواء في تتبع ظاهرة معينة أو بإنشاء شبكات رصد عالمية.