الرئيسية - مقالات علمية :

الحياة على المريخ لماذا لم نستعمره حتى الآن

حظي الكوكب الأحمر بالكثير من الاهتمام في الآونة الآخيرة، حيث انشغل العلماء بفكرة إمكانية اكتشاف دليلٍ للحياة على سطح المريخ. إضافةً إلى ذلك، تخطط ناسا وسبيس إكس لجعل البشر يزورون الكوكب خلال العقد القادم، لكنّ واحداً من أكبر الأسئلة بقي دون إجابةٍ وهو بشأن الاستدامة طويلة الأمد للإنسان على المريخ.

التحديات الفيزيائية

• درجة الحرارة المنخفضة على سطحه بمتوسط °55- سيليسيوس (°67- فهرنهايت)، وغلاف جوي يتكون من ٪95 ثاني أكسيد الكربون ممّا يقلل من إمكانية إنشاء حياة مستدامة على المريخ.

• جاذبيته المنخفضة التي تعادل ٪38 من جاذبية الأرض تشكل تحدياتٍ واضحة للتنقل بالنسبة للبشر، فضلاً عن إحداث تبدلات في خلايانا، عظامنا وعضلاتنا تجعل العودة الصحية إلى الأرض في نهاية المطاف غير مرجحة.

• يملك المريخ غلافاً جوياً رقيقاً يعادل ٪1 فقط من الغلاف الجوي للأرض، وهذا يعني أنّه لا يوفر لنا حمايةً من الأشعة الضارة القادمة من الشمس.

الرحلة والهبوط

لنستطلع الآن مقدار الوقت الذي قد يستغرقه روّاد الفضاء للوصول إلى المريخ، والطرق الممكنة التي وضعها العلماء للهبوط على سطح الكوكب عند الوصول. في حين أنّ المسافة بين الأرض والمريخ تتراوح بين 33.9 مليون ميل (54.6 مليون كليومتر) و250 مليون ميل (401 مليون كيلومتر)، قد تستغرق الرحلة 260 يوماً فقط لإكمالها في أقصر نقطة لها (بيريهليون). وبالنظر إلى هذا الوقت القصير نسبياً للسفر، فإنّ العلماء قد أخرجوا ونفذوا على مر السنين بعضاً من أفكار الهبوط القليلة المحتملة، على الرغم من ظهور علماء تكنولوجيا من ناسا يستكشفون حالياً إمكانية الغوص العميق داخل الغلاف الجوي السطحي للكوكب قبل الالتفاف بالقرب من سطحه باستخدام الطائرات النفاثة.

إنشاء الموطن

الدراسات على موضوع استيطان البشر للمريخ قد خلصت إلى أنّ أكثر المستوطنات الملائمة للعيش على الكوكب يجب أن تمتلك اكتفاءً ذاتيا مع القدرة على دعم الحياة لفترات طويلة دون أيّ إمدادات من الأرض. لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به في هذا الاتجاه، لكنّ ناسا قد اختارت بالفعل ستة شركات أمريكية للمساعدة في تطوير نماذج كاملة الحجم لهذه المستوطنات. وكما يشرح الرئيس المساعد لدراسة مواقع الهبوط البشرية على المريخ في وكالة ناسا: “لقد علمتنا محطة الفضاء الدولية كميةً هائلة عمّا هو مطلوب في موطن فضائي. سنحتاج إلى أشياء مثل أنظمة التحكم البيئي، نظم دعم الحياة ECLSS، أنظمة الطاقة، منافذ الإرساء للسفن الفضائية ومحافظ هواء حتى يتمكن الطاقم من السير في الفضاء لإصلاح أشياء قد تعطلت، تكسرت أو لإضافة تعديلات وقدرات جديدة”.

نمو النباتات

الهدف الأول للاستعمار هو تعلم كيفية العيش على الكوكب، فالبقاء على قيد الحياة هو أكبر أولوية. بعد تعلم أساسيات الحياة سيكون هناك عالم من الأشياء لاستكشافها كإمكانية الزراعة، كيفية استخدام المياه من قطبي المريخ المتجمدين، تدبير نمو النباتات وأكثر من ذلك بكثير.

إنّ وجود ما يكفي من المواد الغذائية والأدوية المخزنة على سطح المريخ هو فكرة جيدة، إلا أنّ الغلاف الجوي الرقيق للكوكب وأشعة الشمس المنخفضة سيصعبان على أيّ شئ أن ينمو. هناك عدد كبير من الاقتراحات للتعامل مع هذا التحدي الكبير، منها استخدام أوراق اصطناعية مصنوعة من السيليكون والتي بإمكانها امتصاص بعض الأشعة وتحويلها إلى طاقة كافية لبدء التفاعلات الكيميائية اللازمة لخلق “المستحضرات الصيدلانية والمواد الكيميائية الزراعية أو الوقود الشمسي”. في حين أنّ تربة المريخ تحتوي على المعادن، إلا أنّها خالية من أيّ مواد عضوية بيولوجية من التي تحتاجها النباتات للنمو. على الرغم من ذلك، وفي المستقبل البعيد، ستحتاج التربة داخل البيوت الخضراء لمعالجتها من السموم، بينما سنحتاج لتسخير المياه الموجودة في قطبي المريخ المتجمدين لدعم الأنشطة الزراعية المكثفة.

مع التقدم الكبير في العلوم والتكنلوجيا، يكتسب العلماء ومنظمات الفضاء رؤى قيّمة عن إمكانية الحياة في هذا الكون، بالإضافة لوجود كوكب المريخ الذي يقدم لنا حالةً فريدة من نوعها لدراستها. ستكون مشوقةً وممتعةً مشاهدة كيف ستتقدم الأمور إلى الأمام على مدى السنوات القليلة المقبلة، وخاصةً في موضوع المريخ الذي كان مصدراً للسحر والإلهام للخيال البشري في تاريخه كله.